تأثير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على السياسة الأميركية مع اقتراب انتخابات نوفمبر

مع اقتراب انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني في الولايات المتحدة، تواصل الديناميكيات السياسية بين إسرائيل وفلسطين التأثير بشكل كبير على الساحة السياسية الأميركية.
تتراجع مستويات الدعم للرأي العام الأميركي لإسرائيل، مما يثير قلق الحكومة الإسرائيلية وحلفائها في الولايات المتحدة. يتجلى هذا القلق بوضوح في تحركات لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، واحدة من أقوى جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة.
استثمارات “أيباك” في الحملات الانتخابية
على مدى الأشهر القليلة الماضية، استثمرت أيباك مبلغ 8.5 مليون دولار في حملة تهدف لهزيمة العضوة الديمقراطية التقدمية كوري بوش في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميسوري. بوش، التي كانت مناصرة لقضايا العدالة الفلسطينية في الكونغرس، خسرت في الانتخابات أمام المدعي العام لمدينة سانت لويس، ويسلي بيل.
لم يكن هذا الهجوم على الأصوات المؤيدة لفلسطين الأول من نوعه؛ فقد أنفقت أيباك مبلغاً غير مسبوق يقدر بـ 17 مليون دولار في محاولة لهزيمة عضو الكونغرس جمال بومان، المؤيد لقضايا فلسطين، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك. بعد خسارة بومان، أعلنت أيباك أن الموقف المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة يُعتبر “سياسة حكيمة وسديدة”.
ردود الفعل على استثمارات “أيباك”
في ردها على هذا الادعاء، كتبت الناشطة اليسارية ميديا بنيامين: “ما أظهرته هذه الانتخابات هو أن الجماعات الموالية لإسرائيل يمكنها شراء النتائج، وأرسلت رسالة مخيفة لكل المسؤولين المنتخبين بأنهم إذا انتقدوا إسرائيل، حتى في ظل الإبادة الجماعية، فقد يدفعون ثمناً باهظاً لمسيرتهم المهنية”.
وأضافت بنيامين أن التمويل الذي ضخته أيباك في هزيمة بوش وبومان يكشف عن قوة اللوبي الإسرائيلي وموارده المالية، ولكنه يبرز أيضاً حاجته المتزايدة لتقديم مبالغ أكبر من أي وقت مضى للحفاظ على دعم الكونغرس لإسرائيل وتقليص نفوذ الأعضاء التقدميين.
تداعيات التمويل والحملات على الانتخابات الأميركية
تُظهر الحملات التمويلية القوية التي تقوم بها أيباك وغيرها من القوى المؤيدة لإسرائيل بُعداً آخر من أبعاد التدخل الأجنبي في الانتخابات الأميركية، وهو مصدر قلق وطني متزايد منذ عام 2016. قد يرى الأميركيون الذين يسعون إلى سياسة حكومية عادلة في ملف فلسطين – إسرائيل أن زيادة التمويل الإسرائيلي أو الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي لصالح مرشحين معينين تُعد تدخلاً أجنبياً غير مقبول في الانتخابات الأميركية. وقد تجد إسرائيل نفسها تُضاف إلى قائمة الدول مثل روسيا والصين وإيران وكوبا التي يُنظر إليها على أنها تتلاعب بالانتخابات الأميركية.
التشريع والحقوق المدنية
أحد الإجراءات الأخرى المؤيدة لإسرائيل التي قد تأتي بنتائج عكسية هو الضغط من أجل تشريع يجرم المناصرة المؤيدة للفلسطينيين، ويعاقب المنظمات غير الربحية التي تدعم القضية الفلسطينية، أو يحرم الجامعات من التمويل الفيدرالي للسماح بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. مثل هذا التشريع قد ينتهك حرية التعبير وحقوق التعديل الأول في الدستور الأميركي، مما سيؤدي إلى تصوير الضغط المؤيد لإسرائيل كقوة رجعية مناهضة للديمقراطية في أعين العديد من الأميركيين.
تغير الرأي العام الأميركي
تراجعت السيطرة الإسرائيلية على تشكيل الرأي العام في الولايات المتحدة تدريجياً، بسبب تزايد دور وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام التقدمي، والنشاط الفلسطيني الأكثر ديناميكية. هذا التحول دفع الرأي العام الأميركي نحو توازن أكبر، حيث بدأ مزيد من الأميركيين في التعاطف مع الفلسطينيين. وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في مارس/آذار، وصلت نسبة الأميركيين المتعاطفين مع الفلسطينيين إلى 27% على المستوى الوطني، بينما بلغت النسبة 43% بين الديمقراطيين و45% بين الشباب.
تظهر استطلاعات الرأي أيضاً مزيداً من الانتقاد لإسرائيل. ففي استطلاع نُشر في مايو/أيار، اعتقد 56% من الديمقراطيين أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. كما أظهرت دراسة استقصائية أخرى، نُشرت في يونيو/حزيران، أن 64% من الناخبين المحتملين يدعمون وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، بينما بلغت النسبة بين الديمقراطيين 86%.